ذكر القبر والبرزخ، فقال: وأي شيء القبر؟ فقال: خوف النار
ورجاء الجنة، فقال: وأي شيء هذا؟ إن ملكاً هذا كله بـيده إن أحببته أنساك جميع ذلك
وإن كانت بـينك وبـينه معرفة كفاك جميع هذا.
قلت: لقد ذكرتني ـ يا معلم ـ بحديث امرأة صالحة[1] فيها نبصر مدى القوة التي
يمنحها حب الله في النفس فتواجه كل صعب وتتحدى كل ألم.
قال: تقصد (بدعة).. سنزورها في (بحار الحب)، فحدثنا عن بعض
شأنها هنا.
قلت: قال المحدث بخبرها[2]: ضاقت علي نفسي يوما فقلت في
نفسي: أخرج إلى المارستان، وأنظر إلى المجانين فيه، وأعتبر بأحوالهم فخرجت إلى بعض
المارستانات، وإذا بامرأة مغلولة يدها إلى عنقها، وعليها ثياب حسان وروائح عطرة،
وهي تنشد:
أعيذك أن تغل يدي
بغير جريمة سبقت
تغل يدي إلى عنقي
ما خانت ولا سرقت
وبين جوانحي كبد
أحس بها قد احترقت
وحقك يا مدى أملي
يمينا برة صدقت
فو قطعتها قطعا
وحقك عنك لا نطقت
فقلت لصاحب المارستان: (ما هذه)، فقال: (مملوكة خبل عقلها،
فحبست لتصلح)، فلما سمعت كلامه أنشدت:
معشر الناس ما جننت ولكن
أنا سكرانة وقلبي صاح
[1] أما كامل حديثها فقد
ذكرناه في رسالة (بحار
الحب)، وقد ذكرنا في بدايتها أنه لا يهمنا في هذه الحكايات التحقيق في سندها،
فليست هي بالعلم الذي نبني عليه عقيدة، أو ننهج من خلاله سلوكا.
أما ما قد
يبديه البعض من الاستغراب وتوهم التلفيق فيها، فلا نراه كذلك، فلأولياء الله وأهله
من الشؤون ما لا يمكن التعبير عنه.