جميع أنواع العلل، قال تعالى: ﴿ ونُنَزلُ منَ
القُرآن مَا هُوَ شفَاءٌ وَرَحمَةٌ للمُؤمنينَ ﴾ و(من) هنا لبـيان الجنس
لا للتبعيض، فالقرآن الكريم كله شفاء لمن استطب به.
قلت: نعم إن قومي يستشفون بالقرآن، والرقاة ـ بحمد الله ـ
ينتشرون في كل مكان، لا يسمعون بعليل إلا زاروه، ولا بمسكون بمسكون إلا أحرقوا من
يسكنه؟
قال: لا.. ليس العلاج القرآني ما يتوهمه هؤلاء المشعوذون،
وإنما هو ماتفرزه معاني القرآن الكريم في قلب متلقيها من إخلاص العبودية لله، وتفويض
الأمر كُله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها.
قلت: ولكن من الذي ينشغل عن النار، وهي تتقد في جسده؟..
ومن الذي لا تحركه الأعاصير، وهي تكاد تجتث من حوله؟.. وكيف لا يلسع بالزنابير من
يعيش في قرية الزنابير؟
قال: إن النصوص المقدسة تدلنا على حصون كثيرة يمكن اللجوء
إليها لتخفيف حدة البلاء، بل لرفعه، وهي في جمالها وقوتها ومتانتها أعظم من كل
لباس يقي من حر النار أو من لسع الزنابير أو من اجتثاث العواصف.
قلت له: فداوني بها.
قال: سأذكر ثلاثة أدوية تجعل القلب منشغلا بالله مجتمعا به
جالسا معه، ومن جلس مع الله فني عن غيره.
وهي ثلاث مراتب، كل ينال منها بحسب درجته من الدين، ومحله
من القرب، وقد تتعاقب عليه اللحظات، فينال حظه منها جميعا:﴿ كُلّاً نُمِدُّ
هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً((الاسراء:20)
قلت: فما الأولى؟
قال: محبة الله، وهي أعلى المراتب، من ينالها يغيب عن
بلائه، كما يغيب عن نفسه، وعن الكون جميعا.