والآخر للأطباء يستأصلون مكامن
الداء.. هو نفس علاجكم لوساوس القطط.. ألستم تعزلونها، أو تحاولون استنساخ السليم
منها، أو تعالجون العليل بالمراهم، لا بأمر القطط بالخروج.
***
قلت: ولكن الأمر مخوف.
قال: لماذا؟
قلت: أخشى أن أخرج عن إجماع
المفسرين، فهم يتفقون على أن المس يرتبط بالتخبط.
قال: هذا صحيح، وقد شرحنا ذلك.
قلت: والتخبط يكون عن دخول.. لا عن
مجرد وسواس.. وهم يتشددون في المخالف لهذا ويرمونه بالبدعة، فقد قال القرطبي: (وفي
هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل
الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان، ولا يكون منه مس)[1]
ويقول بن جزي الكلبي: (أجمع
المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون، ويتخبطه يتفعله من
قولك: خبط يخبط، والمس: الجنون)[2]
ويقول محمد الطاهر بن عاشور: (والذي
يتخبطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع، فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض
إذا أراد القيام.. وإنما احتيج إلى زيادة قوله ]من المس[ ليظهر المراد من تخبط الشيطان، فلا
يُظن أنه تخبط مجازي بمعنى
[1] القرطبي:3/355، وانظر نفس
القول في تفسير الشوكاني:1/295.