اقتربنا من القاص، فسمعناه يقول: أيها اليائس الذي ينظر
بعينه الكئيبة إلى الكون ورب الكون، تخلص من قنوطك وارفع يديك بالدعاء، فإن رحمة
الله الشاملة ستشملك ما دمت مادا يدك إلى الله.
قالت الجماعة المحيطة به: حدثنا عن تضرعات الصالحين لتكون
نبراسا يطفئ نيران أوهامنا.
سكن القاصا قليلا، وقلب صفحات كتاب بجانبه، ثم قال: لقد
حدث بعضهم، قال: إني لفي الحجر ذات ليلة، إذ دخل علي بن الحسين، فقلت: رجل صالح من
أهل بيت الخير، لأستمعن إلى دعائه الليلة، فصلى، ثم سجد، فأصغيت بسمعي إليه،
فسمعته يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك. قال الراوي:
فحفظتهن، فما دعوت بهن في كرب، إلا فرج الله عني.
قلت للمعلم: هذا لم يدعو.. بل وصف حاله.
قال المعلم: أعظم الدعاء هو الفقر والمسكنة.
قال القاص: ويروى عن عبد الله بن جعفر: أن رجلاً أصابه مرض
شديد، منعه من الطعام والشراب والنوم، فبينا هو ذات ليل ساهراً، إذ سمع وجبة شديدة
في حجرته، فإذا هو كلام، فوعاه، فتكلم به، فبرأ مكنه، وهو: اللهم أنا عبدك، وبك
أملي، فاجعل الشفاء في جسدي، واليقين في قلبي، والنور في بصري، والشكر في صدري،
وذكرك بالليل والنهار- ما بقيت- على لساني، وارزقني منك، رزقاً غير محظور ولا
ممنوع.
وحدث آخر، قال: أخبرت أن رجلاً، أخذ أسيراً، فألقي في جب،
وألقي على رأس الجب صخرة، فتلقن فيه: قل: سبحان الله الحي القدوس، سبحان الله
وبحمده، فأخرج من غير أن يكون أخرجه إنسان.
وروي أن الحجاج بن يوسف أتي برجل كان جعل على نفسه، إن ظفر
به، أن يقتله، قال: