قال: تعالى الله.. فهو أكرم من ذلك، إنما الدعاء الذي يخرج
من فم الخطيئة غير معطر بمسك التذلل والتضرع لا يخرج طاهرا نقيا، فإذا نزلت
الإجابة لا تجد المحل الملائم لها.
قلت: لم أفهم هذا.. اضرب لي مثالا يوضحه لي.
قال: لقد استبعد a أن يستجاب لمن هذا حاله، فقد ذكر a: (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر
يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي
بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك)[1]
قلت: لا أزال أحتاج إلى توضيح أكثر.
قال: لتمثيل حيلولة الجسم الذي نبت من حرام بين الداعي
وبين الإجابة نستعير ما تسمونه بصحون الاستقبال الفضائي، فإن هذه الصحون إن حصل
لها ما يشوش الصورة بانحنائها أو عدم توجيهها الوجهة المعينة، فإنها لا تستقبل
البث الفضائي مع أن موجاته تملأ الأثير.
قلت: فالبخل ليس في الموجات، وإنما في المستقبل لها.
قال: فلذلك ورد في النصوص التنبيه إلى شروط الدعاء، وهي
ترجع جميعها إلى الاستقامة والتأدب بين يدي الله ظاهرا وباطنا، قال تعالى
مبينا أدب الدعاء:﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ﴾
(لأعراف:55)، أي بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته
وربوبيته فيما بينكم وبينه، لا جهاراً مراءاة.