قلت: ومدائن أهل السلام؟
قال: صغيرة بسيطة.
قلت: نحن نفخر بالمدن الكبيرة.
قال: وتتعذبون بها.
قلت: ولكنها تكبر تلقائيا.
قال: يضخمها صراعكم .. أرأيت العائلة التي يكثر أولادها ويكبرون هل يظلون مع أسرهم يضيق بعضهم على بعض؟
قلت: كلا .. بل يلتمس كل واحد منهم بيتا خاصا يؤسس على أساسه حياته.
قال: وهكذا فعل أهل مدائن السلام .. كلما أحسوا بأن مدينة ستكبر، وتضيق فيها الحياة انتقلوا إلى غيرها، وأسسوا غيرها.
قلت: فكيف اهتدوا إلى هذا الحل؟
قال: لقد سمعوه من قوله تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ (النساء:97)
قلت: ولكن هذا خاص بالمستضعفين، وهي تدعوهم إلى الهرب ممن يستضعفهم.
قال: لقد سمعوا معها قوله تعالى:﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾(العنكبوت:56)، وقوله تعالى:﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا