قلت: صدقت .. فإن من الناس من لا يجلس مع أهل بيته
إلا قليلا .. شغله المجتمع والعلاقات الاجتماعية عن نفسه وأهله .. ولكن ألا يقضي
هذا على الحياة الاجتماعية؟
قال: لا .. هذا يملأ الحياة الاجتماعية بالإيجابية،
فلا يلتقي الناس إلا على العلم النافع، والعمل الصالح، والذكر الطيب.
قلت: ألهذا لا أرى النوادي والمقاهي هنا؟
قال: إن أكثر المقاهي التي تملأ شوارعكم سموم تهدم
أعماركم، وتحطم حياتكم، وتنشر الخراب بينكم.
قلت: ولكن الكرم يقتضي وجودها، كما يقتضي وجود
المطاعم..
قال: إن أردت هذا .. ففي كل بيت من بيوت هذه المدينة
محال خاصة بالضيوف، ولكنهم يعمرونها بالذكر والعلم والعمل.
قلت: أيجتمع الضيوف على موائد العلم والذكر، لا
الطعام والشراب.
قال: لا خير في طعام لا يحلى بالعلم، ولا يذاب
بالذكر.
قلت: والجماعات والحركات، والطرق والتنظيمات،
والأحزاب والنقابات .. أين مقارها، فإني لا أرى لها أي مقار .. أتراهم يكبتون
الحريات؟
قال: وما المقاصد التي تأسس لها ما ذكرته من جماعات
وتنظيمات .. فإن أهل هذه المدائن لا يرون في الأشياء إلا مقاصدها؟
قلت: النقد البناء والهدام .. والحفاظ على حقوق
الخواص والعوام.