قال:
هم لا يكادون يفترقون في حركات أيديهم، ولكنهم يفترقون في هممهم، فعيون أهل
البصيرة تتوجه لكلا القبلتين، أما عيون أهل الغفلة، فهي قاصرة على الدنيا، عوراء
عن الآخرة.
قلت:
أتقصد أن جهود أهل الدنيا هي نفس جهود أهل الآخرة .. والفرق بينهما لا يعدو الهمم
والنيات؟
قال:
الأصل في الفرق بينهما هو الهمم والنيات .. وهذا الأصل ينبت لكل قوم ما يتناسب مع
رغباتهم.
قلت:
اضرب لي أمثلة على هذا تقرب لي ما يعز على خاطري تصوره.
قال:
أكثر ما يمارسه قومك من الجهود عبث لا حاجة له .. وهم في سبيله يقضون مضاجعهم
ومضاجع أهل الكون من حولهم .. ثم لا يكادون يأبهون لما يفعلون.
قلت:
وضح ما تريد.
قال:
أكثر مصانعكم وملاعبكم ودور لهوكم وعبثكم تحجبكم عن حقيقتكم، وتملأ الكون من حولكم
بالضباب.
قلت:
وأهل الآخرة، الذين جمعوا بين الدنيا والآخرة.
قال:
هم بمنجاة من ذلك كله .. فحياتهم بسيطة، ولكنها تمتئ بالجمال، فالعالم من حولهم من
الصفاء والرقة ما يجعلهم يستغنون عن أكثر ما تمارسونه من لهو.