بعد
أن قال ذلك فتح لنا الباب .. لكنا ما إن سرنا قليلا حتى رأيت بابا عجيبا، علقت عليه لافتة مشعة مكتوب
عليها قوله تعالى:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾(القصص: 77)، وقد برز منها شعاع رسم صورة جيش من العمال، له أياد
كثيرة، تتوزع على الوظائف المختلفة، ولم يكن هذا غريبا في نظري، ولكن الغريب أن
جميع هذا الجيش يتحرك بقلب واحد ينبض بالحياة، وقد كان لذلك القلب عينان، لا كسائر
العيون، أما إحداهما، فتتوجه إلى السماء مستغرقة فيها غافلة عما حولها.. وأما
الثانية، فتتوجه إلى حركات الأيدي، فتنسق بينها، وتنظم حركاتها.
سألت
المعلم عن سر هذه الصورة، فقال: هذه صورة رمزية لباب المصلحة.
قلت:
فما سر القلب الواحد، والأيدي الكثيرة؟
قال:
القلب الواحد يدل على الهدف الواحد الذي تتوزع الوظائف والأيدي على خدمته،
فالوظائف كثيرة، ولكن المصالح محدودة.
قلت:
وما سر العينين الغريبتين؟
قال:
العينان إشارة إلى قبلة المصالح.
قلت:
أللمصالح قبلة؟
قال:
للمصالح قبلتان، لكل قبلة عينها، مصالح الدنيا ومصالح الآخرة.