قال:
ولكن الجنة مدينة الحضارة الربانية لا تحتوي على الشرطة.
قلت:
تلك الجنة، وهي التي قال الله تعالى فيها:﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ
غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾ (لأعراف: 43)، وقال فيها:﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي
صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ (الحجر:47)
قال:
فما تعني؟
قلت:
إن طهارة قلوب أهل الجنة تجعلهم لا يحتاجون إلى الشرطة.
قال:
لماذا؟
قلت:
لأن أساس الجرائم جميعا مهما تنوعت يرجع إلى الصدور المملوءة بالأمراض من غل وحسد
وحرص وجشع .. فلولاها لما ظهرت السرقة والقتل وجميع أنوع الجنايات.
قال:
فسبب الجرائم الداخلية إذن هي الصدور المظلمة بأوزار الذنوب.
قلت:
أجل، لا شك في ذلك .. ولهذا خلت الجنة من الجرائم لطيبة أهلها، كما قال تعالى:﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ
أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ (الزمر:73)، فقد كانت طبيتهم هي المفتاح الذي فتحت لهم به الجنة.
قال:
فحضارة الجنة إذن مبنية على طيبة أهلها.
قلت:
إلى الآن ـ يا معلم ـ لم أفهم سر تعبيرك عن الجنة بكونها حضارة .. الجنة