قال: ولماذا أجزتموه في الصراع، ولم
تجيزوه في السلام؟
قال: هكذا نطقت العرب؟
قال: أكلام العرب وحي يوحى لا يجوز
خلافه، أو لا يجوز القياس فيه، أو لا يجوز استنباط الألفاظ منه؟
قلت: في ذلك خلاف.
قال: فاجتهدوا أن ترفعوا الخلاف،
فاللغة الحية لا ينبغي أن تميت نفسها بالتقليد.
قلت: فقد دخلنا إلى الحديث عن
الاجتهاد في الشريعة من باب الاجتهاد في اللغة.
قال: الاجتهاد في الشريعة يقتضي
الاجتهاد في كل شيء.
قلت: كيف؟
قال: سلف هذه الأمة الصالح تناولوا
من الحضارات الأخرى، فطبعوها بطابعهم، ولم يأخذوها كما أخذتموها أنتم بحلوها ومرها
وخيرها وشرها حتى ألسنة من أخذتموها منه ترطنون بها في دوركم وأسواقكم وجامعاتكم،
وتفخرون بها ولا تفخرون باللغة التي حملت كتاب ربكم.
قلت: هذا صحيح .. ولكن ما علاقة هذا
بالاجتهاد التشريعي؟
قال: هذا ميدانه .. فالشريعة لا
نبحث عن أحكامها فقط، بل نحاول أن نطبق أحكامها بالبحث عن الكيفيات المناسبة
والبدائل الصحيحة.
قلت: ولكن المجتهد في الشريعة يشبه
المراقب، فدوره يقتصر على استنباط