بعد أن قال ذلك فتح لنا الباب ..
فرأينا من الحدائق الغناء ما لا يمكن وصفه.. لكنا ما إن سرنا قليلا حتى لمحت صورتي على باب
اعترضنا، فقلت للمعلم: أهذا باب أم مرآة؟
قال: بل هو باب.
قلت: ولكني أرى صورتي تتجلى فيه.
قال: نعم، وهو باب تتجلى فيه صور
النفوس، هذا الباب هو باب نفسك.
قلت: نفسي! .. إذن هو باب قبيح
كقبحها.
قال المعلم: ومن قال لك بأن نفسك
قبيحة؟
قلت: أليست النفوس هي مرتع الخبث،
وهي مرعى الشيطان، وهي مصيدة الدنيا؟ .. أليست النفس هي التي نازعت الله ملكه،
ونازعت الروح سلطانها، وسلمت كل الأكوان لكل أنواع الصراع؟
قال: ولكنه لولا النفس ما تحقق سير
السائرين.
قلت: لكأني بك تذكرني بحكمة ابن
عطاء الله:(لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين، إذ لا مسافة بينك وبينه حتى
تطويها رحلتك، ولا قطعة بينك وبينه حتى تمحوها وصلتك)
قال: أجل، فلولا شهوات النفوس
ومألوفاتها التي تخوض فيها وتتعشقها، كما تخوض الفرسان في الميادين الواسعة التي
تجول فيها الخيل، ما تحقق سير السائرين،