.. فإن رأيتها ببصيرتك فإن
ذلك دليل على استيلائها عليك وتأثيرها فيك، واستعمارها لك.
قلت: أتقصد أن أعيش ببصيرتي
في الجنان، مع أني في الحقيقة أعيش في الصحراء؟
قال: الحقيقة ما تعيشه
روحك، لا ما يعيشه جسدك.
قلت: ولكن قومي يعتبرون هذا
من الوهم الذي يبعدك عن الحقيقة.
قال: دعك من قومك، وامتلأ
بالحكمة التي لا تعرف الزمان والمكان.
قلت: فهمت قولك .. فلا زالت
قيود قومي تمسك بي.
قال: فافتح بصيرتك الآن ..
فسترى أبواب المدائن.
فتحت بصيرتي، فرأيت الصحراء
قد انزاحت رمالها من حولي وبين يدي، ثم رأيت بابا عظيما مفتوحا، وقد علقت عليه
لافتة كتب عليها قوله تعالى:﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ
آمِنِينَ) (الحجر:46)
قال: هلم بنا لندخل هذه
المدينة من بابها .. وإياك أن تدخل إلا من الأبواب التي آذن لك في دخولها، فبعضها
سراديب ومصايد.
قلت: يا معلم .. وأين
مفاتيح أبوابها؟
قال: مفاتيح أبوابها هي الحقائق
.. ليس لها مفاتيح غيرها.
قلت: فهي ككنوز الفقراء
إذن.
قال: بل هي ككل أبواب
الدنيا وكنوزها، فمفاتيح أبواب الكون هي الحقائق.