responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 78

يعشقونها، ويتشبثون بها إلى الدرجة التي آثروها على أنبيائهم، كما قال تعالى: ﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [العنكبوت: 38]

وهكذا يذكر القرآن الكريم تزيين الشيطان لأهل سبأ عبادة الشمس مع كونها مجرد خلق من خلق الله، وآية من آياته، قال تعالى على لسان الهدهد: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: 24]

وفي ذكر الله تعالى ذلك على لسان الهدهد دليل على أنه ليست الطباع السليمة فقط من ينفر مما فعله أهل سبأ من عبادة الشمس، بل حتى الحيوانات تنفر منها.

وهذه الآيات جميعا تشير إلى أن الشيطان ـ بأداة التزيين ـ يشغل عقل الإنسان عن البحث في حقائق الأشياء، ليكتفي منها بذلك الظاهر البسيط الذي يلمحه وينجذب إليه من غير تفكير في مصادره، ولا عواقبه.

ولذلك لو تأملت ـ أيها المريد الصادق ـ أكثر ما تراه من أنواع الإغواء الشيطاني تجد سببه مرتبطا بذلك التزيين الشيطاني؛ فهو يقوم بدور السحر للعقول، حتى يتحول الحق عندها باطلا، والباطل حقا.

وقريب منه [تسويل الباطل]، والذي ورد في قوله تعالى: ﴿ إِن الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 25]

والمراد منه ذلك التيسير والتسهيل الذي يقوم به الشيطان حول المعصية([70]


[70] الكثير من المفسرين يفسرون التسويل بالتزيين، لكن الراجح هو أن التسويل والتزيين وإن كان مؤداهما واحد، إلا أن لكل منهما دلالته الخاصة، كما أشار إلى ذلك أبو السعود بقوله: (أي سهّل لهم ركوب العظائم، من السَّوَل، وهو الاسترخاء، وقيل السُّول المخفف من السؤل لاستمرار القلب، فمعنى سوَّل له أمراً حينئذٍ: أوقعـه في أمنيّته فإن السؤل الأمنية) [إرشاد العقل السليم لأبي السعود ج 7، ص 99 ]، وقال ابن عاشـور: (والتسويل: التسهيل وتزيين النفس ما تحرص على حصوله)[ التحرير والتنوير، لابن عاشور، م6، ج 12، ص 238 ]

نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست