نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 585
وأول تجلياته نسيانه والغفلة عنه
وعدم ذكره وشكره، قال تعالى: ﴿وَإِذَا
مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ
إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67]، وقال: ﴿وَإِذَا
أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ [فصلت: 51]
وقد ذكر الله تعالى مثالا على ذلك
بأولئك الذين ينشغلون بذكر أمجادهم وآبائهم عن ذكر ربهم، وينشغلون بالدنيا عن
الآخرة، فقال:﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ
مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا
فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي
الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: 200]
وهكذا، فإن كل غافل عن الله معرض
عنه، وهو بذلك أكثر استعدادا لتقبل وساوس الشياطين، ذلك أن جهاز الاستقبال في
الإنسان لا يتوقف أبدا، فهو إن لم يستقبل الفيوضات الإلهية، سيستقبل لا محالة
الوساوس الشيطانية.
ولهذا قد تصل الغفلة بالإنسان إلى
الحد الذي يستحوذ عليه الشيطان، فينسيه ذكر الله، قال تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ
عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ
الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
[المجادلة: 19]
وحين ينسى الله ينسى نفسه وحقيقته
ووظائفه وغاية وجوده، كما قال تعالى: ﴿وَلَا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ﴾ [الحشر: 19]
بل قد يصل به الأمر إلى النفاق
الذي يجعله ينطق باسم الله بلسانه، ولا يضع له أي محل في حياته، لغفلته التامة
عنه، قال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]
ولذلك، فإن الإقبال على الله هو
العلاج الذي يحمي من الإعراض عنه، وهو
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 585