وروي عن
أبي سعيد قال: كنا جلوسا عند باب رسول
الله a نتذاكر، ينزع هذا بآية، وينزع هذا بآية، فخرج علينا رسول الله a كما يفقأ في وجهه حب الرمان،
فقال: (يا هؤلاء بهذا بعثتم؟ أم بهذا
أمرتم؟ لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)([844])
وهكذا حذر أئمة الهدى من ذلك الجدل، وما
ارتبط به من مناظرات ظهرت في عصورهم؛ فقد قال الإمام علي: (من طلب الدّين بالجدل
تزندق)([845])
و روي أنّ رجلا قال للإمام الحسين: اجلس
حتّى نتناظر في الدّين، فقال له الإمام: (يا هذا أنا بصير بديني مكشوف عليّ هداي،
فإن كنت جاهلا بدينك فاذهب فاطلبه، مالي وللمماراة)([846])
ونصح الإمام الكاظم بعض أصحابه، فقال: (إيّاك
وأصحاب الخصومات، والكذّابين علينا فإنّهم تركوا ما أمروا بعلمه وتكلّفوا ما لم
يؤمروا بعلمه حتّى تكلّفوا علم السماء)، ثم قال له: (خالقوا الناس بأخلاقهم،
وزايلوهم بأعمالهم، إنّا لا نعدّ الرجل فقيها عاقلا حتّى يعرف لحن القول، ثمّ قرأ
هذه الآية ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: 30])([847])
وقال: (الخصومة تمحق الدّين وتحبط العمل
وتورث الشكّ)([848])