وهكذا أخبر الله تعالى عن
الخاسرين الذين لم يكتشفوا خسارتهم إلا بعد فوات الأوان، ذلك أن إعجابهم بأنفسهم
وأعمالهم جعلهم منشغلين بالنظر إليها والفرح بها عن التحقق من مدى موافقتها
للشريعة، ومدى توجههم بها لربهم، قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103،
104]
هل رأيت ـ أيها المريد الصادق ـ
كيف كان ذلك الإعجاب الذي قد يكون نوعا من الإسراف في الثقة بالنفس، سببا في
الهلاك والخسارة؟
وكيف لا يكون كذلك.. وهو الحائل
الأكبر بين الإنسان والتوبة؟.. وهل يمكن أن يتوب من يثق في أعماله، ويرى أنه منزه
معصوم.. كل أعماله صالحة؟
وكيف لا يكون كذلك.. وهو الحائل
الأكبر بين الإنسان ومراجعة نفسه، وتصحيح أخطائه ومواقفه.. والبحث عن الحقيقة
والسراط المستقيم؟.. وهل كان سبب بقاء المشركين على شركهم، والضالين على ضلالهم
إلا بسبب إعجابهم بأنفسهم، وفرحهم بما تركه لهم آباؤهم وأجدادهم، كما قال تعالى: ﴿
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ
الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [غافر: 83]
وكيف لا يكون كذلك.. وهو الحائل بين الإنسان
والاستفادة من غيره، وتجاربهم، وخبراتهم.. وهل يمكن أن يستفيد من آراء غيره من
امتلأ عجبا برأيه؟ و كيف لا يكون كذلك.. وهو السبب الأكبر في إحباط الأعمال، وقد
قال الله تعالى:
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 42