نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 362
وأخبر عن أهل الكهف، وأنهم مع
خوفهم الشديد من أعدائهم إلى أنهم كانوا يحرصون على الأكل الطيب، ولذلك قالوا: ﴿
فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ
أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا
يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: 19]
ولذلك احذر ـ أيها المريد الصادق ـ من
أن تكون من أولئك الذين يبحثون عن الرخص التي تبيح لهم أكل الحرام؛ فقد أخبر رسول
الله a
أن هذا واقع في الأمة؛ فقال: (ليأتينّ على النّاس زمان لا يبالي المرء بما أخذ
المال، أ من الحلال أم من حرام)([569])
بل ورد في
الحديث ما يشير إلى أن ما وقع فيه أهل السبت، وتحايلهم على الحرام، ستقع فيه هذه
الأمة أيضا، فقد روي أنه a قال، وهو بمكّة عام الفتح: (إنّ الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير
والأصنام)، فقيل: يا رسول الله أ رأيت شحوم الميتة فإنّه يطلى بها السّفن، ويدهن
بها الجلود، ويستصبح بها النّاس، فقال: (لا، هو حرام)، ثمّ قال: (قاتل الله
اليهود، إنّ الله لمّا حرّم شحومها جملوه([570])
ثمّ باعوه فأكلوا ثمنه)([571])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ
فاسع لأن تدبر أمر نفسك، وما تطالبك به من شهوات عاجلة، بهذه الوصفات الربانية
التي وردت في النصوص المقدسة.
العلاج المعرفي:
أول علاج تنطلق منه ـ أيها المريد
الصادق ـ لإبعاد نفسك الأمارة بالسوء عن المطالبة بالحرام هو أن تذكرها بقوله
تعالى: ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ
وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ [المائدة: 100]، فالآية الكريمة تشير
إلى أن البركة ليست في الكثرة، وإنما في الطيبة، وأول