وضرب المثل على ذلك بالمنافقين
الذين توهموا أنهم ـ بذلك النور المزيف الذي اكتسبوه في الدنيا ـ نجحوا، لكنهم
عرفوا في عالم الحقيقة والتجريد أن كل ما اكتسبوه لم يكن سوى أوهام لبّسوا بها على
أنفسهم، قال تعالى: ﴿يوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ
لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا
وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ
بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنكُمْ فَتَنْتُمْ
أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى
جَاءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ ﴾ [الحديد: 13، 14]
لذلك
لا تسكن ـ أيها المريد الصادق ـ لأي شيء قد يتلاعب بحقيقتك ومصيرك.. فأنت ما دمت
في هذه الدنيا في امتحان واختبار، ولا أحد يضمن لك النجاح، فقد تسقط في آخر محطة
من المحطات، وقد ورد في الحديث أن أصحاب رسول الله a
أثنوا على بعض الناس ثناء حسنا بسبب شجاعته في الجهاد في سبيل الله، فقال رسول
الله: (أما انه من أهل النار)، فتعجب القوم من ذلك، ثم إن بعضهم راح يتبعه، فخرج
معه فكلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، فرآه في بعض المعارك، قد جرح جرحا
شديدا، فوضع نصل سيفه في صدره، وقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله a فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: (وما ذاك؟) قال: (الرجل الذي ذكرت
آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح
جرحا شديدا، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل
عليه فقتل نفسه)، فقال رسول الله a:
(إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 30