نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 29
أصناف الأموال، وعندما خالط أهل
المدينة سكن لهم، وأنس بهم، وتأثر بأخلاقهم.. فجعله ذلك يغفل عن حراسة ثروته؛ فأخذ
اللصوص الذين لم ينتبه لهم، يسلبون منه كل حين طرفا منها إلى أن سلبوها منه جميعا.
فهكذا الأمر ـ أيها المريد الصادق
ـ مع من اغتر بما وصل إليه من مكاسب أو ناله من شهرة، أو حظي به من أصناف
التكريم.. فإنه إن سكن إلى ذلك، جاءه الشياطين بصور الملائكة، وسلبوا منه كل شيء،
ومن غير أن يعلم.
ولذلك حذر الله تعالى من السكون
إلى الأشياء، قبل معرفة المصير الحقيقي، الذي لا يمكن معرفته ما دمنا في الدنيا،
قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنمَا تُوَفَّوْنَ
أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النارِ وَأُدْخِلَ الْجَنةَ
فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل
عمران: 185]
إن مثل ذلك ـ أيها المريد الصادق
ـ مثل تلميذ في الامتحان؛ فهو قد يجيب عن بعض الأسئلة؛ فيفرح بإجابته، ويسكن لها،
ويطمئن إلى نجاحه، ويجعله ذلك يقصر في باقي المواد، إلى أن يخسر كل شيء بسبب
تقصيره..
ولهذا، فإن الكيس لا يغتر بالخلق
جميعا، ولو أجمعوا على الثناء عليه، لأنه يعلم أن ثناءهم لن يجديه عند ربه ما لم
يكن صادقا ومخلصا؛ فالله تعالى هو الذي يميز وحده الناجحين من الراسبين، والفائزين
من الخاسرين.
ولهذا تتوالى التحذيرات الإلهية
من السكون إلى الدنيا وأهلها، والاغترار بمعسول كلامهم وثنائهم ورضاهم، لأن رضاهم
لا يعني رضى الله، كما أن سخطهم لا يعني سخطه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا
الناسُ إِن وَعْدَ الله حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا
يَغُرَّنكُمْ بِالله الْغَرُورُ (5) إِن الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ
فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 29