نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 292
وقال آخر: (ذكر الغير بالسوء ثلاثة
أقسام: الغيبة والبهتان والإفك، والكلّ في كتاب الله، والغيبة أن تقول ما فيه،
والبهتان أن تقول ما ليس فيه، والإفك أن تقول ما بلغك)
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تفهم
من هذه النصوص اختصاص الغيبة باللسان، فالأمر ليس كذلك؛ فاللسان ليس سوى أداة
لذلك، ولذلك فإن الغيبة تشمل كل تنقيص للغير، وذكر لعيوبه، حتى لو كانت صورة
نشرتها عنه، أو حركة أومأت بها إليه، أو تعريضا عرضت به، يسيء إليه، أو إشارة أو إيماء
أو غمزا أو رمزا أو كتابة أو حركة.. فكل هذه الأمور داخلة في الغيبة، وقد ذكرت لك
في مناسبات سابقة ما ورد في الحديث عن عائشة أنها أومأت بيدها تشير إلى امرأة
بكونها قصيرة، فاعتبر رسول الله a حركتها غيبة([408]).
وهي كذلك تشمل الأحياء والموتى، بل إن
غيبة الميت أشد، لعدم إمكانية الاستحلال منه، وقد ورد في الحديث عن النبي a أنه قال: (إذا
مات صاحبكم فدعوه، ولا تقعوا فيه)([409])
وهذا لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ أن
تكف لسانك عن إنكار المنكر خشية أن يفهم البعض منه قصدك لأشخاص معينين، أو طوائف
معينة؛ فذلك ليس من الغيبة، وقد كان رسول الله a إذا كره من إنسان شيئا قال: (ما
بال أقوام يفعلون كذا وكذا)([410])
من دون أن يعين أحدا.
وإياك عند قصدك لهذا، أن تحكم على
الناس من خلال رؤيتك للشريعة، أو مرتبتك في التحقق بها؛ فتقع فيما وقع فيه ذلك
الصحابي الذي راح يذم بعضهم بسبب تقصيره في
[408]
الخرائطي وابن مردويه والبيهقي كما في الدر المنثور ج 6 ص 94.