نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 28
فلما جئت فصرت
إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشفة قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت
خضخضة الماء، فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا
هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول
الله a فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله،
أبشر، قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وقال خيرا. قال: قلت: يا
رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا. قال:
فقال رسول الله a: (اللهم حبب عبيدك هذا
- يعنى أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهما المؤمنين)، فما خلق مؤمن
يسمع بي ولا يراني إلا أحبني[1].
وهذا الحديث
العجيب الممتلئ بالدعاوى يتلقاه السلفية بكل سرور، في نفس الوقت الذي يزعمون فيه
أن أبا طالب عم رسول الله a، والذي قضى حياته كلها
دفاعا عنه، ولاقى في ذلك كل الشدائد، لم يحظ بذلك الحنان والعطف من رسول الله a كما حظيت أم أبي هريرة، حيث أنه يزعم أن رسول الله
a دعا لها بالهداية على رغمها من سبها له a، واستجاب الله له، بينما لم يدعو لعمه، أو لم
يستجب الله له.
وهو فوق ذلك كله
يزعم أنه دعي له بأن يصير محبوبا للمؤمنين، هو وأمه، وأن كل من سمع به أحبه في نفس
الوقت الذي ترد فيه الروايات الكثيرة عن ذلك البغض الشديد الذي تعرض له الإمام علي
ـ عدو الفئة الباغية الأول ـ حتى قال ابن تيمية مخبرا عن ذلك: (.. أن الله قد أخبر
أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ودا. وهذا وعد منه صادق. ومعلوم أن الله قد
جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم، لا سيما الخلفاء - رضي الله عنهم -، لا سيما أبو
بكر وعمر ; فإن عامة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما،