نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 20
ويستحيل على
مجتمع يتصف بهذا أن يترك امرؤا يصل به الجوع إلى تلك الحالة التي وصفها، ثم لا
يدركه.
فنحن هنا بين
محذورين كلاهما مر، فإما أن نصدق أبا هريرة، ونكذب تلك الصورة الجميلة التي ذكرها
القرآن الكريم، والتي نقرأ عنها في كتب الحديث والسيرة، أو أن نكذب أبا هريرة،
وكيف نكذبه، وما ذكره نجده في صحيح البخاري وغيرهما، وفي أعلى درجات الصحة كما
يذكرون.
وقد ذكر أبو
هريرة دور الجوع في حرصه على العلم، فقال: (كنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله a على
ملء بطني)[1]
وقال ـ يصف
حادثة من الحوادث ـ: (والله إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد
الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر
فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل، فمر أبو القاسم a، فعرف ما في وجهي وما في نفسي، فقال: (أبا هريرة)
قلت له: لبيك يا رسول الله، فقال: (الحق)، واستأذنت فأذن لي؛ فوجدت لبنا في قدح.
قال: (من أين لكم هذا اللبن؟) فقالوا: أهداه لنا فلان - أو آل فلان -. قال: (أبا
هر) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (إنطلق إلى أهل الصفة فأدعهم لي). قال: - وأهل
الصفة أضياف الإسلام، لم يأووا إلى أهل ولا مال، إذا جاءت رسول الله a هدية
أصاب منها وبعث إليهم منها، وإذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها -.
قال: وأحزنني ذلك وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى به بقية يومي وليلتي.
وقلت: أنا الرسول، فإذا جاء القوم كنت أنا الذي أعطيهم؛ وقلت: ما يبقى لي من هذا
اللبن؟ ولم يكن من