نام کتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 127
وقد اجتهد
السلفية في نصرة هذه الرواية، والدفاع عن كل حرف من حروفها، ومن المرافعات التي
يذكرها السلفية في هذا المقام ما قاله ابن حجر العسقلاني، فقد قال: (وأما إطلاقه
الكذب على الأمور الثلاثة؛ فلكونه قال قولا يعتقده السامع كذبا، لكنه إذا حقق لم
يكن كذبا؛ لأنه من باب المعاريض المحتملة للأمرين، فليس بكذب محض، وقوله (هذه أختي)
يعتذر عنه بأن مراده أنها أخته في الإسلام، قال ابن عقيل: دلالة العقل بتصرف ظاهر
إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقا به؛
ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب
منه، وإنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك
من إبراهيم u - يعني إطلاق الكذب على ذلك - إلا في حال
شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل
أخف الضررين دفعا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب
وإن كان قبيحا مخلا لكنه قد يحسن في مواضع وهذا منها)[1]
ونحن نوافق ابن
حجر في كون إبراهيم u يستحيل أن يكذب، وما قاله من سقمه ونحو ذلك
معاريض أراد منها أن يستدرج قومه لدعوتهم إلى الله كما استدرج الملك، وكما استدرج
عبدة الكواكب.. وذلك كله لا حرج فيه، ولا يعتبر كذبا بحال من الأحوال.
لكن المشكلة ليس
في ذلك.. المشكلة فيما أطلقوا عليه الكذبة الأخيرة.. فتلك