نام کتاب : معاوية في الميزان نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 31
وحين يركن
معاوية وزميله عمرو إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك
على أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل.فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل
نجاح. على أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين: كانت غلبة جيل
على جيل، وعصر على عصر، واتجاه على اتجاه. كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذ
ينحسر. وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقي
علي في القمة لا يتبع هذا الانحسار، ولا يرضى بأن يجرفه التيار. من هنا كانت
هزيمته، وهي هزيمة أشرف من كل انتصار) [1]
ونحب أن نورد
هنا مثالا يحرص السلفية على ذكره عند تعديدهم لمناقب معاوية، وخاصة أن الذي رواه
هو البخاري صاحب الصحيح، وهو ما رواه عن ابن أبي مليكة، قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين
معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: (أصاب إنه فقيه) [2]
وللأسف
فإن السلفية يقبلون هذه الرواية عن ابن عباس، ويعرضون عن عشرات غيرها يذم فيها ابن
عباس معاوية.. مع أن هذه الرواية نفسها لا تعبر إلا عن صورة ذلك المتكاسل المحتال
الذي لا يصلي من الليل إلا ركعة واحدة في نفس الوقت الذي أعرضوا فيه عن أولئك
السابقين الذين كانوا من أول الإسلام يقومون الليل نصفه وثلثه، بل حتى ثلثيه، بل
حتى الليل جميعا.
بل إن الإمام الطحاوي ـ وهو من
الموثوقين لدى السلفية ـ أورد رواية أخرى تدل على أن مقولة ابن عباس لم تكن سوى
تهكما وسخرية، فقد روى بسنده عن عكرمة أنه قال: