ومن تلك الأحاديث العملية ما رواه طلحة بن عبيدالله،
قال: خرجنا مع رسول الله a يريد
قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم [2]،
فلما تدلينا منها وإذا قبور ممحية، قلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا هذه؟ قال:
(قبور أصحابنا) فلما جئنا قبور الشهداء، قال: (هذه قبور إخواننا)[3]
وهذا الحديث واضح الدلالة في قصده a لقبور الشهداء، وواضح في الدلالة على أن القصد منه ليس مجرد العظة
والاعتبار، وإنما لمكانتهم، ولهذا سماهم a
(إخواننا) للدلالة على شرفهم ومكانتهم، فالأخوة أعظم شرفا من الصحبة.
ومن تلك الأحاديث العملية ما روي من خروجه a مرارا إلى البقيع
لزيارة قبور المؤمنين المدفونين هناك، ومنها ما رواه عطاء عن عائشة، أنها قالت:
كان رسول الله a كلما كان ليلتها من رسول الله a يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: (السلام عليكم
دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا، مؤجلون، وإنا، إن شاء الله، بكم لاحقون،
اللهم، اغفر لأهل بقيع الغرقد) [4]
وهذا الحديث يدل على كثرة زياراته a لهم، وهو يدل على مدى استحباب ذلك، وعلى أن القصد منه ليس العبرة
فقط، لأنها تتحقق بأدنى من ذلك.
ومن تلك الأحاديث العملية ما روي من خروجه a مرارا إلى قبور الشهداء بأحد،
[2]
حرة واقم: هي في طرف المدينة الشرقي، وهي التي حصلت فيها وقعة الحرة سنة 62 هـ،
بين أهل المدينة المنورة وكلهم من الصحابة وأبنائهم، وبين جيش يزيد بن معاوية.