وقال عنه المحدث المحقق محمود سعيد ممدوح: (وهو مستحق
للوصف بالحفظ، وقد وصفه بذلك جمع من أعيان شهوده من ذوي الخبرة بالحديث وعلومه،
فقد اشتهر بالطلب والأخذ من أفواه الرجال، وكان على معرفة بالجرح والتعديل،
وبطبقات الرواة، مع تمييز لصحيح الحديث من ضعيفه، وكان حفظه للحديث قويا، وزاد على
ما سبق أمرين: أولهما: أماليه الحديثية.. وثانيهما: كتابته المستخرجات)[2]
ولهذا نرى التيار السلفي يتحاشاه، بل يستعمل كل
الوسائل للتحذير منه على الرغم من كونه عارفا بعلوم الحديث، متقنا لها، ويستعمل
نفس أساليبهم في التعامل معها.
ولهذا تعتبر رسالته [إحياء المقبور من أدلة جواز بناء المساجد والقباب على
القبور] من أحسن ما كتب في الرد على التيار السلفي، ولهذا نرى شدة غيظهم منها، وقد
قال فيها وفي صاحبها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (توفي 1420هـ) في كتابه
[تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد]: (هو الشيخ أبو الفيض أحمد الصديق الغماري
في كتابه المسمى [إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على
القبور]، وهذا الكتاب من أغرب ما ابتلى به المسلمون في هذا العصر، وأبعد ما يكون
عن البحث العلمي النزيه؛ فإن المؤلف يدعي ترك التقليد والعمل بالحديث الشريف؛ فقد
التقيت به منذ بضعة أشهر في المكتبة الظاهرية وظهر لي من الحديث الذي جرى بيني
وبينه أنه على معرفة بعلوم الحديث، وأنه يدعو للاجتهاد، ويحارب التقليد محاربة لا
هوادة فيها، وله في ذلك بعض المؤلفات.. ولكن الجلسة كانت قصيرة لم تمكني من أن
أعرف اتجاهه في العقيدة، وإن كنت شعرت من بعض فقرات حديثه أنه خلفي صوفي،
[1]
إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين، محمد بن الفاطمي
السلمي الشهير بابن الحاج، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء، الطبعة الأولى – 1992، ص:38.