والضيق حتى أن عرقه صار يتصبب كقطرات
دم نازلة :( ظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يقويه)
والإمداد بالقوة لا يكون إلا للضعيف المحتاج.. فإن
كنتم تزعمون أن للمسيح طبيعة لاهوتية.. فهل هذا الملك أقوى مـن الله!؟.. وأين كان
لاهوت المسيح في تلك اللحظة!؟.. أما كان الاولى به أن يظهر طبيعته اللاهوتية
المزعومة بدلاً من أن يكتئب ويحزن ويشتد عليه الضيق والخوف، ويظهر بذلك المظهر.
بل إن المسيح يجسد إنسانيته بكاملها على الصليب ـ
كما تزعمون ـ بقوله :( إلهي إلهي لماذا تركتني )( متى 27: 46 )، ولا يمكن أن تفهم
الكلمات إلا لمن رأى المسيح إنسانا كسائر البشر.
وفوق هذا هناك الكثير من الأدلة التي يعرضها الإنجيل
حول الطبيعة البشرية للمسيح، فهو يذكر أنه منهمك، وكان عليه أن يجلس لكي يشرب من
البئر (انجيل يوحنا 4: 6) ونجده يبكي لموت لعازر (انجيل يوحنا 11: 35 )
وفوق كل هذا هنالك الوصف لمعاناته في النهاية، وهذا
يجب أن يكون دليلا على إنسانيته:( الآن نفسي قد اضطربت )
ونجده يشكر ويصلي للرب لكي ينقذه من حتمية الموت
(انجيل يوحنا 12: 27 ): (وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس.
ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت )(انجيل متى 39:26)
وفي إنجيل متى (4: 6) أن الشيطان بعدما أخذ المسيح
إلي المدينة المقدسة وأوقفه على حافة سطح الهيكل قال له :( إن كنت ابن الله فاطرح
نفسك إلي أسفل لأنه قد كتب: يُوْصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَيَحْمِلُونَكَ عَلَى
أَيْدِيهِمْ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ)
وفي هذا النص إقرار من المسيح للشيطان بأنه قد كتب
عنه في العهد القديم أن الله يوصي ملائكته به ليحملونه ويحفظونه ـ كما نجد هذا
ثابتا بالمزمور الواحد والتسعين ـ فإذا كان المسيح هو رب العالمين، وأن الأب متحد
معه وحال فيه، فكيف يوصي الله ملائكته به لكي يحفظوه؟