ما قلت
هذا حتى استيقظت من تلك الغفوة، وقد كان عجبي شديدا حين لقيت ذلك الذي سميته معلما
أثناء غفوتي، يقف بجانبي، وهو يقول لي مبتسما: ليس الآن.. الآن دورك أن تعمل.. أما
الجزاء، فقد ادخره الله لك في تلك الدار.. فأرسل من أعمالك الصالحة ما ستجده هناك،
فالله لا يضيع عنده شيء.
قلت:
من أنت.. هل أنت من الإنس أم من الجن.. من البشر أم من الملائكة؟
قال:
ألا تزال تسأل هذه الأسئلة.. ألم يخلق ربك غير الإنس والجن والملائكة؟
قلت:
فهل أنت خلق آخر من خلق الله؟
قال: ﴿وَمَا
يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]
قلت:
ما الذي حصل لي، وكيف دخلت معي في غفوتي؟
قال:
لم تكن تلك غفوة.. ولم يكن ذلك نوم.. بل كنت ترى الحقائق التي طلبتها.. ألم تطلب
أن ترى أسرار الفناء والبقاء.
قلت:
بلى.. وقد كنت أتصور أني أحتاج لرحلة طويلة لأتعرف على أسرارها.
قال:
لقد علم الله تعالى صدقك، فلذلك أرسلني إليك لأريك هذه الحقائق رأي العين.. فلا
يمكن لأسرار الفناء والبقاء أن تشرح بأحسن من رؤيتها رأي العين.