قال:
أجل.. فعلم الله وخبرته بخلقه محيطة بهم، فلا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في
السماء.. كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (الفرقان:6)
قلت:
فقد آل الأمر إلى الجبر إذن ..
قال:
لا .. بل آل الأمر إلى التوحيد.. فالله الخالق لكل شيء يستحيل عليه الجهل والعجز
والإكراه، ولذلك لم يكن لأحد أن يخالف علم الله فيه.
قلت:
فهو مجبر إذن على ما لا يستطيع الفكاك منه.
قال:
أقدار الله المرسلة لعباده نوعان، منها ما لا يستطيعون الفكاك منه، ومنها ما
يمكنهم ذلك..
قلت:
لم أفهم ..كيف ذلك؟
قال:
ألا ترى في امتحانات العباد بعضهم لبعض في الدنيا، كيف يضعون بعض الأسئلة
الإجبارية، ويضعون بعدها ومعها بعض الأسئلة الاختيارية؟
قلت:
بلى.. هم يفعلون ذلك.
قال:
فلذلك كان من سنة الله في خلقه أن يضع لهم بعض الاختبارات التي لا انفكاك لهم
منها، لأنهم قد يولدون عليها، ويعيشون بها.. ووضع لها معها اختبارات أخرى يمكنهم
أن يتصرفوا معها وفق ما تقتضيه إرادتهم.
قلت:
فهم يحاسبون على الثانية .. لا على الأولى.
قال:
وقد يحاسبون على الأولى إذا لم يسلموا لربهم، واعترضوا عليه، وراحوا يتهمونه..
مثلما يحاسب الطالب الذي يرفض بعض الأسئلة التي يوجهها له أستاذه.