والمحروم.. وفي هذا تخلص من الشح واستعلاء على الحرص..
كما أن فيه شعورا بواجب الواجد تجاه المحروم في هذه الأمة المتضامنة المتكافلة..
والشعور بأن
للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة ، وبآصرة الإنسانية
من جهة أخرى، فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح.. وهو في الوقت ذاته
ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها، فهي فريضة ذات دلالات شتى ، في عالم
الضمير وعالم الواقع..
قالوا: عرفنا
الثانية.. فحدثنا عن الثالثة.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ
الدِّينِ (26) ﴾ (المعارج)
قال: التصديق بيوم الدين شطر الإيمان، وهو ذو
أثر حاسم في منهج الحياة شعورا وسلوكا.. والميزان في يد المصدق بيوم الدين غير
الميزان في يد المكذب بهذا اليوم أو المستريب فيه، ميزان الحياة والقيم والأعمال
والأحداث..
المصدق بيوم
الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض ، ولحساب الآخرة لا لحساب
الدنيا ويتقبل الأحداث خيرها وشرها وفي حسابه أنها مقدمات نتائجها هناك ، فيضيف
إليها النتائج المرتقبة حين يزنها ويقومها..
أما المكذب
بيوم الدين، فيحسب كل شيء بحسب ما يقع له منه في هذه الحياة القصيرة المحدودة ،
ويتحرك وحدوده هي حدود هذه الأرض وحدود هذا العمر، ومن ثم يتغير حسابه وتختلف
نتائج موازينه ، وينتهي إلى نتائج خاطئة فوق ما ينحصر في مساحة من المكان ومساحة
من الزمان محدودة.. وهو بائس مسكين معذب قلق لأن ما يقع في هذا الشطر من الحياة
الذي يحصر فيه تأملاته وحساباته وتقديراته ، قد لا يكون مطمئنا ولا مريحا ولا
عادلا ولا معقولا ، ما لم يضف إليه حساب الشطر الآخر وهو أكبر وأطول، ومن ثم يشقى
به من لا يحسب حساب الآخرة أو يشقى غيره من حوله، ولا تستقيم له حياة رفيعة لا