قال[1]: أجل.. فالصلاة فوق أنها ركن الإسلام وعلامة الإيمان هي وسيلة الاتصال
بالله والاستمداد من ذلك الرصيد، وهي مظهر العبودية الخالصة التي يتجرد فيها مقام
الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة..
وصفة الدوام
التي تخصصها الآية الأولى تعطي صورة الاستقرار والاستطراد، فهي صلاة لا يقطعها
الترك والإهمال والكسل، وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة.. فليس الاتصال بالله لعبة
توصل أو تقطع حسب المزاج.. ولذلك كان من سنة رسول الله a
الثبات.. فقد كان إذا عمل شيئا من العبادة أثبته - أي داوم عليه - وكان يقول: (وإن
أحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام وإن قل)[2]
وذلك لأنه لا
يمكن أن ترسخ الصفة ما لم يدمن صاحبها عليها، فتستقر في كيانه، وتثبت فيه، وتقوم بعد
ذلك بتوجيهه الوجهة الصالحة التي أرادها الله من عباده.
والصلاة – لتؤدي دورها- لا يكفي فيها الدوام.. بل تحتاج إلى
المحافظة عليها.. والمحافظة غير الدوام.. وهي تتحقق بالمحافظة عليها في مواعيدها ،
وفي فرائضها ، وفي سننها، وفي هيئتها ، وفي الروح التي تؤدى بها.. فلا يضيعونها
إهمالا وكسلا.. ولا يضيعونها بعدم إقامتها على وجهها.
قالوا: عرفنا
الأولى.. فحدثنا عن الثانية.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ
مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) ﴾ (المعارج)
قال: إن هاتين الآيتين الكريمتين تشيران إلى الزكاة
على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر.. وهي حق في أموال المؤمنين.. وهي تشير
كذلك إلى معنى أشمل من هذا وأكبر.. وهو أن المؤمنين يجعلون في أموالهم نصيبا
معلوما يشعرون أنه حق للسائل