سابعا الهابط
قلت: عرفت السر السادس من أسرار الإنسان.. فما السر السابع؟
قال: هو السر الذي أشار إليه قوله تعالى :﴿ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (البقرة:61).. وقوله:﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ (لأعراف:13).. وقوله: ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ (لأعراف:24)
قلت: كل هذه الآيات تتحدث عن الهبوط.
قال: فذلك هو السر التاسع من أسرار الإنسان.. ولا يمكن أن تعرف الإنسان دون أن تعرفه.
قلت: فحدثني عنه.. وكيف تعرفت عليه؟
استغرق في صمت طويل، ثم قال: ما أمر تلك الذكريات التي تربطني بهذا السر..
قال ذلك، ثم عاد إلى صمته، فاستحييت، وقلت: لا بأس.. دعنا منه.. وهلم بنا إلى غيره.
قال: لا.. معاذ الله.. أتريدني أن أخون؟
قلت: من تخون؟
قال: الإنسان.. أعظم خيانة للإنسان ألا نحذره من أنواع الآلام التي تنتظره إن أدمن الهبوط.
قلت: لكني أراك متألما.