لست أدري كيف ثارت في نزعة الجدل، فرحت أقطع حديثهم
بقولي: ولكن ما تقولون.. ألم تسمعوا قوله تعالى لرسوله a
:﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)﴾ (الشرح).. أليس هذا قمة الجاه؟..
ثم أي شهرة
تزيد على شهرة الأنبياء والأولياء ووأئمة العلماء! فكيف فاتهم فضيلة الخمول؟
ثم ألا ترون
أن عبد الله الحقيقي هو العبد الذي لا يبالي أظهره الله، أو أبطنه، رفعه أو وضعه..
فهو عبد ربه لا عبد الظهور، ولا عبد البطون.. كما قال أبو العباس المرسي: (من أحب
الظهور فهو عبد الظهور ومن أحب الخفاء فهو عبد الحفاء وعبد الله سواء عليه أظهره
أم أخفاه)
قال زكريا:
صدقت يا بني.. وما قلته لا يناقض ما قلنا.. فأنت تتحدث عن الأنبياء والأولياء..
وهؤلاء لابد أن يسمع بهم الناس حتى يستفيدوا منهم.. ولكنا نتحدث عن قوم قد يتضررون
بالشهرة أو بمحبتهم لها.
ثم إن
المذموم هو طلب الشهرة، فأما وجودها من جهة الله تعالى من غير تكلف من العبد فليس
بمذموم.. نعم فيه فتنة على الضعفاء دون الأقوياء، وهم كالغريق إذا كان معه جماعة
منن الغرقى فالأولى به أن لا يعرفه أحد منهم فإنهم يتعلقون به فيضعف عنهم فيهلك
معهم، وأما القوي فالأولى أن يعرفه الغرقى ليتعلقوا به فينجيهم ويثاب على ذلك.
وإن شئت قولا
فصلا في هذا، فاعلم أن للناس أربعة أحوال بالإضافة إلى هذا:
أما أولاها،
فهي أن يفرح بالمدح ويشكر المادح ويغضب من الذم ويحقد على الذام ويكافئه أو يحب
مكافأته، وهذا حال أكثر الخلق.. وهذا ما كنا نبحث فيه وفي علاجه.
وثانيها، أن
يمتعض في الباطن على الذام ولكن يمسك لسانه وجوارحه عن مكافاته