وعنه عبر a بقوله: (خير الأمور
أوساطها)[1]، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى :﴿.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)﴾ (الأعراف)، ومهما لم
يحس الإنسان بجوع ولا شبع تيسرت له العبادة والفكر وخف في نفسه وقوي على العمل مع
خفته، ولكن هذا بعد اعتدال الطبع.
أما في بداية
الأمر إذا كانت النفس جموحاً متشوقة إلى الشهوات مائلة إلى الإفراط، فالاعتدال لا
ينفعها بل لا بد من المبالغة في إيلامها بالجوع، فإذا ارتاضت واستوت ورجعت إلى
الاعتدال ترك إيلامها.
***
بقيت مدة في
هذا القسم أستفيد من عيسى علوم الترفع عن الشهوات التي يدفعني إليها بطني، ويريد
أن يستعبدني بها.. وعندما أيقنت وتدربت على أن الطعام أقل شأنا من أن أبيع بسببه
ربي طلب مني، كما طلب من جمع معي فقهوا ما فقهت أن نسير إلى قسم آخر من أقسام تلك
المدرسة.
4 ـ الكلام
بعد أن فتح
الله علي فتعلمت أسرار الترفع عن ثقل الطعام سرت إلى القسم الرابع، وكان خاصا
بالترفع عن ثقل شهوة الكلام، وقد أخبرني ولي الله (يوسف الصديق) أن شيخ هذا القسم
ولي من أولياء الله يقال له (هارون)، وأنه تعلم أسرار الترفع عن شهوة الكلام من
نبي من أنبياء الله وصفه الله بالفصاحة، وهو هارون u
الذي قال تعالى في صفته حاكيا عن أخيه موسى :﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ
مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن
يُكَذِّبُونِ (34)﴾ (القصص)
[1]
رواه البيهقى فى السنن الكبرى، وفى شعب الإيمان.