أنصرف إليك، قال: فانصرفت فلم أجدها في الموضع،
فانصرفت إلى منزلي وأنا شديد الغضب عليها، فلما رأتني عرفت الغضب في وجهي فقالت:
يا مولاي لا تعجل علي إنك أجلستني في موضع لم أر فيه ذاكراً لله تعالى فخفت أن
يخسف بذلك الموضع فعجبت لقولها وقلت لها: أنت حرّة. فقالت: ساء لي ما صنعت كنت
أخدمك فيكون لي أجران، وأما الآن فقد ذهب عني أحدهما.
وقال ابن
العلاء السعدي: كانت لي ابنة عم يقال لها بريرة، تعبدت وكانت كثيرة القراءة في
المصحف، فكلما أتت على آية فيها ذكر النار بكت، فلم تزل تبكي حتى ذهبت عيناها من
البكاء فقال بنو عمها: انطلقوا بنا إلى هذه المرأة حتى نعذلها في كثرة البكاء قال:
فدخلنا عليها فقلنا: يا بريرة كيف أصبحت قالت: أصبحنا أضيافاً منيخين بأرض غربة
ننتظر متى ندعى فنجيب، فقلنا لها كم هذا البكاء قد ذهبت عيناك منه؟ فقالت: إن يكن
لعيني عند الله خير فما يضرهما ما ذهب منهما في الدنيا، وإن كان لهما عند الله شر
فسيزيدهما بكاء أطول من هذا؟ ثم أعرضت. قال: فقال القوم: قوموا بنا فهي والله في
شيء غير ما نحن فيه. وكانت معاذة العدوية إذا جاء النهار تقول: هذا يومي الذي أموت
فيه فما تطعم حتى تمسي، فإذا جاء الليل تقول: هذه الليلة التي أموت فيها فتصلي حتى
تصبح.
وقال أبو
سليمان الداراني: بت ليلة عند رابعة فقامت إلى محراب لها وقمت أنا إلى ناحية من
البـيت، فلم تزل قائمة إلى السحر فلما كان السحر قلت: ما جزاء من قوّانا على قيام
هذه الليلة؟ قالت: ج زاؤه أن تصوم له غداً. وكانت شعوانة تقول في دعائها: إلهي ما
أشوقني إلى لقائك وأعظم رجائي لجزائك وأنت الكريم الذي لا يخيب لديك أمل الآملين
ولا يبطل عندك شوق المشتاقين، إلهي إن كان دنا أجلي ولم يقربني منك عمل فقد جعلت
الاعتراف بالذنب وسائل عللي؛ فإن عفوت فمن أولى منك بذلك وإن عذبت فمن أعدل منك
هنالك، إلهي قد جرت على نفسي في النظر لها وبقي لها حسن نظرك فالويل لها إن لم
تسعدها، إلهي