لاحت لنا مدرسة في منتهى الجمال.. قصدناها.. فوجدنا
رجلا هو كالشمس أو قريب من الشمس يقف على بابها، وهو يقول: مرحبا بكم في مدرسة
المسلم القوي.. يشرفكم أن تنتسبوا إليها.. فلا يمكن للقوة أن تدب في قلوبكم، ولا
يمكن للنشاط أن يسري بين جوارحكم ما لم تمتلئوا بالمعاني التي تعلمكم إياها هذه
المدرسة.
قلت: أراك
تعظم من شأنها.. فمن ترى مؤسسها؟
قال: ومن
غيره؟.. إنه محمد رسول الله.. إنه الرسول الذي دعا إلى القوة بكل معانيها.. ونحن
هنا ورثة من ورثته آلينا على نفوسنا أن ندرب كل من يقصدنا على تلك القوة..
قلت: فعلام
تدربون من يقصدكم؟
قال: على
سبعة معان.. أو سبع درجات[1].. من ارتقى في سلمها شعر بقوة عجيبة يهون أمامها كل صعب، ويسهل أمامها
كل عسير.
1 ـ اليقظة
سرت مع الجمع
إلى مدرسة المسلم القوي، وإلى أول قسم من أقسامها، وقد استقبلنا فيه رجل علمت بعد
ذلك أن اسمه (الحكيم الترمذي)[2]، وقد علمت أنه قدمها من (ترمذ) بعد أن حصل له فيها مع أهلها بعض الخلاف،
فقد أساءوا فهم ما يدعوهم إليه، فراحوا
[1]
نحب أن ننبه هنا إلى أنه لدينا رسالة خاصة بهذا الموضوع من رسائل السلام سميناها
(مرابطات النفس اللوامة)، وما نذكره هنا هو ملخص مختصر منها.
[2]
أشير به إلى الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر، المعروف
بالحكيم الترمذي (ت 320 هـ)، عالم بالحديث وأصول الدين، من أهل (ترمذ) نفي منها
بسبب تصنيفه كتابا خالف فيه ما عليه أهلها، فشهدوا عليه بالكفر.. فجاء إلى بلخ
(فقبلوه) لموافقته إياهم على المذهب.. من مؤلفاته (غرس الموحدين) و(الرياضة وأدب
النفس) و(غور الامور) و(المناهي) و(شرح الصلاة) و(المسائل المكنونة) وكتاب
(الاكياس والمغترين) و(بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب)، و(العقل
والهوى) و(العلل) (انظر: الأعلام للزركلي)