قال: لأن الشرائع هي التنفيذ العملي لما تتطلبه الأخلاق الكريمة..
ولذلك نحتاج إلى التوعية بقيمة الأخلاق قبل الدعوة للتنفيذ العملي لها.
قلت: اضرب لي مثالا يقرب هذا.
قال: سنة النبي a في
دعوته إلى الله كلها تدل على هذا وتمثل له.. سأضرب لك مثالا عن شريعة مهمة وخطيرة
من شرائع الإسلام، وهي شريعة (تحريم الخمر)، وهي الشريعة التي لم يطق أي دين من
الأديان ولا قانون من القوانين تنفيذها..
قلت: أجل..
ولكن الإسلام استطاع أن يشرع التشريعات المناسبة لها.. بل قد روي أن المسلمين
كانوا هم الذين طلبوا من رسول الله a أن يبين لهم في الخمر بيانا شافيا.
قال: لقد حصل ذلك، لأن رسول الله a بث عن طريق الدعوة إلى الأخلاق الحسنة وعيا عاما بضرورة وضع
التشريعات التي تحمي الأخلاق، وتحفظها، وتؤسس لها.. ولذلك صار المخاطبون هم الذين
يطالبون بالتشريعات.. لا التشريعات هي التي تريد أن تفرض نفسها على المخاطبين.
قلت: ألا تضرب لي مثالا يقرب لي هذا؟
قال: أرأيت لو أن مدرسا أراد أن يضيف ساعات دراسة لتلاميذه مع إعطاء
الحرية لهم في الحضور وعدمه.. هل تراهم سيحضرون؟
قلت: أما تلاميذ هذا الجيل.. فلا شك أنهم يتمردون عليه.
قال: ولو أنه قدم لذلك بما يملأهم رغبة في العلم وحبا له.
قلت: حينها سيطالبون هم بالساعات الإضافية.
قال: فهكذا يفعل الحكيم.. فهو لا يهجم على الناس بالتشريعات.. بل يدع
واقعهم الإيماني والأخلاقي هو الذي يطلب تلك التشريعات.
قلت: إن بعض قومي يركزون في دعوتهم للدين على الدعوة للشرائع.. ولا
أراهم