قلت: لقد قال له:(: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصناما
ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوي الضعيف، فكنا
على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى
الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان،
وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام)..
فعدد عليه أمور الإسلام، ثم قال: (وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم
وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال
اليتيم وقذف المحصنات، فصدقناه وآمنا واتبعناه على ما جاء به من الله تعالى:
فعبدنا الله تعالى وحده ولم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم الله علينا وأحللنا ما أحل
لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من
عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا
وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك
ورجونا إلا نظلم عندك إيها الملك)[1]
قال: بورك في قراءتك للخطبة جميعا، فكلها تبين أهمية الخلق ومدى
تأثيره.. ففيها أن خلق النبي a هو
الذي جذب القلوب إليه.. وفيها أن النبي a كان يدعو إلى الأخلاق.. وفيها أن أساس اختيار النبي a الحبشة لهجرة أصحابه هو ما كان ينعم به
ملكها من حسن الخلق.
الشرائع:
بعد مرتبة (الأخلاق) وجدت مرتبة (الشرائع)، فسألته عنها، فقال: إن من
عرفته بالله، وعلمته كيف يعبد الله، ثم ملأته بالحنين للقيم الرفيعة والأخلاق
النبيلة، لن يصعب عليه أن يتلقى الشرائع الإلهية.. بل إنه سيتلقاها بطيبة نفس
ورحابة صدر.