الحسنى.. أما ما عداها.. فعقولنا أعجز من أن تحيط به أو تدركه..
ولذلك نفوض لله علم ما لا نعلم، ولا نشغل عقول العوام الغارقة في التشبيه في مثله.
النبوات:
رأيته في المرتبة الكبرى الثانية من مراتب الإيمان يضع النبوات..
فسألته عنها، فقال: إن النبوات هي العنصر الثاني من الأركان الأساسية للإيمان،
ولذلك امتلأت آيات القرآن الكريم بالثناء عليهم وذكر قصصهم وأحوالهم لتملأ القلوب
محبة لهم وإجلالا، وتشحن الطاقات قدوة وسلوكا، فيعيش المؤمن في صحبتهم، ويترفع من
خلالها إلى الآفاق العليا من الكمال الإنساني.
قال: ولذلك كان رسول الله a يحبب الأنبياء ـ عليهم السلام ـ إلى أمته، ويقص عليهم قصصهم.. بل
يصف لهم أحيانا صورهم لتقريب ما يصفه القرآن الكريم من أحوالهم، قال :( رأيت عيسى
بن مريم وموسى وإبراهيم فأما عيسى فابيض جعد عريض الصدر وأما موسى فآدم جسيم قالوا
فابراهيم قال انظروا إلى صاحبكم)[1]، وقال :(رأيت ليلة أسري بي موسى
بن عمران رجلا طوالا جعدا كأنه من رجال شنؤة ورأيت عيسى بن مريم مربوع الخلق إلى
الحمرة والبياض سبط الرأي)
قال: لقد كان رسول الله a يعلم التأثير التربوي العظيم الذي يحمله الإيمان بالأنبياء ـ عليهم
الصلاة والسلام ـ.. لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا، فقال:﴿ أُولَئِكَ
الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ (الأنعام: 90)
قلت: لقد ظللت دهرا أبحث عن سر هذا.. فالنبي a في منتهى الكمال، فكيف يؤمر بالاقتداء
بالأنبياء ـ عليهم الصلاة ـ.. أيؤمر الفاضل بالاقتداء بالمفضول؟