قال: ألا ترى كيف رتب a
المواضيع التي أراد من معاذا أن يدعو إليها؟
قلت: ذلك صحيح..
قال: أرأيت لو أن معاذا خلط هذا الترتيب.. فبدأ بالزكاة.. كيف
سيتصوره الناس حينها؟
قلت: سيرونه جابيا أو لصا.
قال: فلهذا أمره رسول الله a أن يعمق الإيمان في قلوبهم أولا، فإن هم آمنوا أمرهم بالصلاة التي
هي عبادة محضة.. فإن هم فعلوا، وزينت قلوبهم بحلاوة العبادة أمرهم حينها بالزكاة
والصدقات.
قلت: نعم.. هذا ما تقتضيه الحكمة..
الإيمان:
فتحت الدفتر، وكان أول عبارة قابلتني فيه (الإيمان قبل العمل)،
فسألته عنها، فقال: لقد تأملت ما ورد في النصوص حول مرتبتي الإيمان والعمل..
فوجدتها جميعا تنص على تقديم الإيمان على العمل.. فالله تعالى يقول ـ مثلا ـ:﴿
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا
مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً﴾ (النساء:39)..
فقد قدم الله في هذه الآية الإيمان على النفقات..
قلت: أحفظ من ذلك الكثير.. فقد قدم الله تعالى الإيمان على الجهاد في
قوله تعالى:﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ
وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا
ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ (التوبة:86)
وقدمه على أدب الاستئذان في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ