وعن ابن مسعود قال: (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا
الأمانة، قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة وإن قتل في سبيل الله، فيقال له: أد أمانتك،
فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، وتمثل له
الأمانة كهيئتها يوم دفعت إليه، فيراها فيعرفها فيهوي في أثرها حتى يدركها،
فيحملها على منكبه، حتى إذا ظن أنه خارج زلت عن منكبه فهو يهوي في أثرها أبد
الآبدين، ثم قال: (الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة،
وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع)، قال زاذان: فأتيت زيد بن عامر فقلت: ألا ترى إلى
ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا وكذا، قال: صدق، أما سمعت الله تعالى يقول:﴿
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾
(النساء: 58)
قال شكيب: ولهذا اعتبر a من علامات المنافق خيانة الأمانة، فقال:(آية المنافق ثلاث: إذا حدث
كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)[2]، وقال a:(أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن
كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث
كذب وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)[3]
بل كان a
يخبر أنه لا إيمان لمن لا أمانة له، فعن أنس قال: ما خطبنا رسول الله a إلا قال: (لا إيمان لمن لا أمانة له،
ولا دين لمن لا عهد له)[4]
وكان a يستعيذ من الخيانة، ويقول:(اللهم
إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع،