قال الشعراوي: لقد أخبر a عن رفع الأمانة عن الأمة إبان انحطاطها، وهو يدل على أنه لا يمكن
للأمة أن تستعيد مجدها إلا باستعادة الأمانة التي ارتفعت عنها[1]:
لقد ورد في الحديث عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله a حديثين، قد رأينا أحدهما وأنا انتظر
الاخر، حدثنا أن الامانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من
القرآن وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة، قال: (ينام الرجل النومة، فتقبض
الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه
فيظل أثرها مثل المجل كجمر، دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا، وليس فيه شئ فيصبح
الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلا
أمينا، حتى يقال للرجل: ما أجلده، ما أكرمه ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال
حبة من خردل من إيمان) [2]
وفي حديث آخر، قال رسول الله a: (أول ما تفقدون من دينكم الامانة)[3]
وفي حديث آخر، قال رسول الله a: (أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة، ورب
مصل لا خلاق له عند الله)[4]
وفي حديث آخر، قال رسول الله a: (أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة)[5]
وفي حديث آخر، قال رسول الله a:(إذا اتخذ الفئ دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وتعلم لغير
الدين، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت
[1] نبهنا
في مواضع كثيرة إلى أن أحاديث الفتن وأشراط الساعة ونحوها لا تحمل فقط صفة النبوءة
الغيبية، وإنما تحمل أيضا ـ وأهم من ذلك ـ طابع التشريع، لمن حصلت لهم تلك الفتن.
(انظر: رسالة (معجزات حسية)، فصل (نبوءات) من هذه السلسلة)