البناء الذي يتكون من لبنات الأفراد.. ولا يكفي في البناء أن تكون
لبناته قوية، بل يجب أن يكون التماسك بينها قويا، وإلا أدى ذلك إلى خرابها،
وسقوطها بأوهى الأسباب.
قال القمي: في الإسلام منظومة كاملة لذلك.. فكل ما ورد في النصوص
المقدسة من الحث على التماسك والتآلف من التوجيهات والتشريعات يخدم هذا.
لقد قال الله تعالى يذكر ذلك:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات:10)
انظروا.. كيف أمر الله تعالى بالإصلاح بين الإخوة، وكأنه يقول لنا:
لا يمكن أن يتماسك بناؤكم الاجتماعي، وأنتم مفرقون مشتتون لا تجتمع لبناتكم.
قال الشعراوي: لقد صرح رسول الله a بمثل هذا التشبيه، فقال:﴿ المؤمن
للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه)[1]
وفي حديث آخر شبه رسول الله a العلاقات بين المؤمنين بأعضاء الجسد الواحد، فقال:(مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد
بالسهر والحمى)[2]
وفي حديث آخر ذكر رسول الله a مثلا تقريبيا لما قد يحدثه سكوت المجتمع عن أخطاء أفراده، فقال:(مثل
القائم على حدود الله ـ أي القائم على حفظ النظام العام للمجتمع وأفراده ـ والواقع
فيه كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في
أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا
هذا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وإن أخذوا على أيديهم
نجوا ونجوا