وإسحق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد
وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد..)[1]
فانظر كيف ذكر لهم الأنبياء وسماهم لهم لكونهم يؤمنون بهم..
وهكذا في خطابه a
لملوك وسلاطين العالم، فقد كان يخاطبهم بحسب توجهاتهم الدينية، ولذلك كان خطابه
لكسرى مختلفا عن خطابه للنجاشي.
الأحوال:
قلت: وعيت ما ذكرته في الخانة الثالثة.. فما (الأحوال) التي وضعتها
في الخانة الرابعة؟
قال: كما أن البشر يختلفون في طباعهم التي طبعوا عليها، ويختلفون في
قدراتهم، ويختلفون في توجهاتهم، يختلفون كذلك ـ وبشكل كبير ـ في الأحوال التي تمر
بهم.. فقد ينتقل الإنسان من الثراء الفاحش إلى الفقر المدقع.. وقد ينتقل من الصحة
والعافية إلى المرض والبلاء.. وليس من الحكمة أن يخاطب في جميع الأحوال بأسلوب
واحد، وبمعاني واحدة..
قلت: ما ذكرته صحيح.. وهو عين الحكمة.. ولكن هل ورد في النصوص
المقدسة ما يدل على مراعاة هذا؟
قال: جاهل أنا إن حكمت عقلي.. وهربت من النصوص المقدسة.. إن الغنى كل
الغني في النصوص المقدسة..
ففي مراعاة هذه الناحية ورد قوله تعالى ـ مثلا ـ:﴿ إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ
كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ
اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ (النساء:97)
انظر.. إن هذه الآية تحوي عتابا شديدا لهؤلاء المستضعفين باعتبار
أنهم أطاقوا الهجرة،