على قومه في زينته ـ على عادة سلاطين الديار المصرية ـ وأخذت
الأمراء تقبل الأرض بين يدي السلطان، فالتفت الشيخ إلى السطان وناداه: يا أيوب،
ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوىء لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟ فقال
السلطان: هل جرى هذا؟ فقال الشيخ: نعم، الحانة الفلانية يباع فيها الخمور، وغيرها
من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة! يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر
واقفون، قال: يا سيدي، هذا أنا ما عملته، هذا من زمن أبي. فقال الشيخ: أنت من
الذين يقولون:﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى
آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الزخرف: 22)؟ فرسم السلطان بإبطال تلك الحانة.
وعندما سأله أحد تلاميذه لما جاء من عند السلطان ـ وقد شاع هذا
الخبر ـ: يا سيدي كيف الحال؟ فقال: يا بني، رأيته في تلك العظمة فأردتُ أن أهينه
لئلا تكبر نفسُه فتؤذيه. فقلتُ: يا سيدي، أما خفتَه؟ قال: والله يا بني استحضرتُ
هيبة الله تعالى، فصار السلطان قُدّامي كالقط[1].
النصح:
قلت: علمت الأول، ولا أحسب أني أجادلك فيه.. فالكل متفق عليه..
فما الثاني؟
قال: النصح.. ألا ترى أن النبي a سمي النصيحة ديناً، وجعلها من حقوق
المسلمين فيما بينهم، وبايع بعض صحابته على النصح لكل مسلم، وعدد جوانب النصح
ومجالاته.
قلت: أجل.. فلم كان النصح ركنا من أركان الاحتساب؟
قال: الاحتساب إخلاص لله.. والنصح إخلاص للمحتسب عليه.. فلا
يمكن لأحد أن يقبل احتسابك، وهو يشعر أنك تغشه.
قلت: صدقت.. وقد عبر عن ذلك الخطابي، فقال: (النصيحة كلمة يعبر بها عن
جملة