قالوا: فما تقول فيمن يتعلم مذهبا من المذاهب، فهو يكتفي بالفتوى على
أساسه؟
قال: له ذلك إن تخلى عن التعصب، وقال لمن استفتاه: هذا ما عندي،
واذهب لغيري، فقد تجد عنده ما هو أفضل أو أرجح مما وجدت عندي.
قالوا: فإن لم يقل ذلك، وحرج على مستفتيه أن يتبعه؟
قال: يكون قد حجر ما وسعه الله، وضيق على الناس، وقد يكون في تضييقه
ما ينفرهم.
الورع:
قالوا: حدثتنا عن العلم.. فحدثنا عن الورع.
قال: لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الركن في قوله تعالى:﴿
وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ (الاسراء:36)
وطبقه رسول الله a فيما روي أن رجلا أتى رسول الله فقال: أي
البقاع شر؟ فقال: (لا أدري)، فلما أتاه جبريل u قال: (يا جبريل، أي البلدان شر؟
قال: لا أدري حتى أسأل ربي عز وجل، فانطلق جبريل u ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم
جاء فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلدان شر؟ فقلت: لا أدري، وإني سألت ربي عز
وجل: أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها)[1]
قالوا: وعينا هذا، فما السبيل إليه؟
قال: أربعة.
قالوا: فما هي؟
قال: أن لا تتكلموا فيما لا تعلمون، وأن لا تتكلموا بكل ما
تعلمون، وأن لا تكتموا ما تعلمون، وأن لا تحرفوا ما تعلمون.