والتعظيم والزهد والرضا والتوكل والحب وغيرها.. مباد ينطلق الاسم بظهورها،
ثم لها غايات وحقائق، والصادق المحقق من نال حقيقتها.
ولهذا قال تعالى في وصفه لأعمال:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
(الحجرات:15)
قلت: فاضرب لي مثلا يقرب لي ذلك.
قال: سأضرب لك مثلا بالخوف من الله أو الخشية منه.. لا شك أنك تعرف
أنه مقام من مقامات الدين؟
قلت: أجل.. وهو من مقامات التطهير.. وقد مررت على منزله.
قال: ألا ترى أنه ما من عبد يؤمن بالله واليوم الآخر إلا وهو خائف من
الله خوفاً ينطلق عليه الاسم، ولكن الحقيقة تجعل الخائفين الصادقين قلة قليلة
جدا؟
قلت: كيف ذلك؟
قال: أما ترى حال أكثر هؤلاء إذا خافوا سلطاناً أو قاطع طريق، كيف
تصفر ألوانهم، وترتعد فرائصهم، وتتنغص معيشتهم، ويتعذر عليهم الأكل والنوم.. وقد
ينزعجون عن الوطن فيستبدلون بالأنس وحشة، وبالراحة تعبا وبالمشقة تعرضا للأخطار؟
قلت: أجل.. وحق لهم ذلك.. فمثل هذا الخوف طبيعة لا يمكن الانفكاك
عنها.
قال: ولكنهم مع لا يظهر عليهم عند ذكر النار وشدة عذابها ما يظهر
عليهم عند ذكر اللصوص.. مع أن النار أخطر وأعظم جلبا للخوف.
قلت: ذلك صحيح.. وقد ورد في الحديث قوله a:(ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل
الجنة نام طالبها)[1]