التوكل فقد طعن فى الإيمان، والتوكل حال النبى a، والكسب سنته، فمن بقى على حاله فلا
يتركن سنته)[1]
قلت: إن ما ذكرته عن الغزالي وهؤلاء الأولياء الكبار عظيم، وهو يفند
كل شبهة في هذا الباب.. ولكني مع ذلك سمعت أن بعض من ينسب لأهل الله يقعون في
أعمال من ترك الأسباب، وهم يفسرون بها التوكل، ويسيئون إليه أعظم إساءة.
قال: ولذلك بنى أهل الله هذا المنزل، ليدخلوا المريدين فيه إلى ممالك
التوكل، ويحموهم من مهالكه.. وهذا الذي ذكرته من مهالكه.
لم أجد إلا أن أسرع إلى هذا المنزل المبارك، فأدخله، ويدخل معي إليه
شيخي فيه ومرشدي (الخواص)، وقد رأيته منزلا ممتلئا بالبركات، وفيه من أنوار
الإيمان واليقين، ومن حقائق السلام والسكينة ما لا يمكن للسان أن يعبر عنه.
الشكر:
مكثت مدة في منزل التوكل أتتلمذ على أهله، وأتدرب على أيديهم، وأحصل
من العلوم ما أحتاج إليه لتحقيقه، حتى سكنت إليه سكونا كليا، وقلت في نفسي:(هذه هي
داري التي كنت أبحث عنها، وفيها يطيب مقامي)
ما قلت ذلك في نفسي حتى جاءني أمر من شيخي (أبي مدين) يطلب مني أن
أذهب إلى صاحبي السادس (الجنيد)، لأترقى على يديه إلى مقام (الشكر)، وأنزل منزله.
لم أجد إلا أن ألبي أمر شيخي.. فسرت إلى الجنيد الذي كان ينتظرني،
وكأني معه على ميعاد، فما إن اقتربت منه حتى قال لي: هيا بنا إلى منزل الشكر.. فلا
سار من لم ينزل ذلك المنزل..