ولده، فهو يعطف عليهم، ويرحمهم، ويستعمل كل الوسائل التي تؤلف قلوبهم،
لينصرفوا إلى العلم انصراف محب لا مبغض، وانصراف راغب فيه لا راغب عنه.
قال بعضهم: صدقت.. فكم من علوم لم يحل بيننا وبينها إلا سوء خلق
معلميها، وكم من علوم لم يحببنا فيها إلا ما طبع الله عليه أساتذتها من خلق ونبل.
قال الشنقيطي: ولهذا، فإن العالم المستن بسنة رسول الله a هو الذي يستعمل كل الوسائل ليقرب قلوب
تلاميذه إليه، وإلى العلم الذي يحمله.
قلنا: فهل ورد في السنة ما يدل على هذا؟
قال: كل السنة تدل على هذا.. وإن شئتم التقريب، فاقرؤوا ما ورد عنه a من مراعاته لمستويات الناس وظروفهم
المختلفة، فعن أبي رفاعة قال:انتهيت إلى النبي a وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله، رجل
غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله a وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي
حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله a وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته
فأتم آخرها[1].
الرفق:
قلنا: عرفنا الرابعة.. فما الخامسة؟
قال: هو ما أشار إليه قوله a:(إن الله رفيقٌ يحب الرفق في الأمر كله)[2]، وقوله a:(إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي على
الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه)[3]، وقوله a:( إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه،
ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه)[4]